جدد حياتك
الرجل المقبل على الدنيا بعزيمة وصبر، لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت، ولا تصرفه وفق هواها. إنه هو الذي يستفيد منها، ويحتفظ بخصائصه أمامها.
الحاضر القريب الماثل بين يديك، ونفسك التي بين جنبيك، والظروف الباسمة أو الكاحلة التي تلتف حواليك، هي وحدها الدعائم التي يتمخض عنها مستقبلك. فلا مكان للإبطاء أو انتظار، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل".
ثم إن كل تأخير لإنقاذ منهج تجدد به حياتك، وتصلح به أعمالك لا يعنى لإ إطالة الفترة الكابية التي تبغى الخلاص منها، وبقاءك مهزوما أمام نوازع الهوى والتفريط.
ما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين و الحين، و أن يرسل نظرات ناقدة في جوانبها ليتعرف عيوبها و آفاتها، و أن يرسم السياسات القصيرة المدى، و الطويلة المدى، ليتخلص من الهنات التي تزري به.
ألا تستحق النفس بعد كل مرحلة تقطعها من الحياة أن نعيد النظر فيما أصابها من غُنم أو غُرم؟ وأن نرجع إليها توازنها واعتدالها كلما رجتها الأزمات، وهزها العراك الدائب على ظهر الأرض في تلك الدنيا المائجة.
لا أدري لماذا لا يطير العباد إلى ربِّهم على أجنحةٍ من الشوق بدل أن يُساقوا إليه بسياط من الرهبة ؟! إنَّ الجهل بالله وبدينه هو عِلَّةُ هذا الشعور البارد، أو هذا الشعور النافر - بالتعبير الصحيح - ؛ مع أنَّ البشر لن يجدوا أبرَّ بهم ولا أحنَى عليهم من الله عز وجل.
No comments:
Post a Comment