Monday, October 27, 2014

أول مرة المنيا: إنطباعات أولية من ع السطح

من يومين كنت في المنيا لأول مرة بحضر TEDxMinia. للأسف مقضيتش وقت كبير، يوم ونص بس. لكن كان في فرصة كويسة إن المنيا تديني أول إنطباعات عن شخصيتها. 

من أول ما تدخلها، أول حاجة تقابلك بعد البوابات مباشرة هي صحرا، بعدها بدقايق، تبدأ تظهر التجمعات العمرانية الجديدة، بنفس شكل العمارات الموجودة في القاهرة الجديدة والعبور والشيخ زايد، ومع يافطة "المنيا الجديدة ترحب بكم". نفس نمط القاهرة في التخطيط العمراني: مدن جديدة ليها نفس إسم المدينة الرئيسية، وعلى بعد كام كيلو خارج المركز.

الموضوع دا مُحبط - على الأقل بالنسبة لي - لأن فكرة إن كل مدن الجمهورية تكون نسخة طبق الأصل من بعضها فكرة مملة! صحيح معندش أي معلومات عن طبيعة سكان كل محافظة، لكن متخيلة إن أكيد في احتياج ما خاص بكل فئة، وإن لايمكن نفس سطامبة تصميم المدن تناسب الكل في كل مكان! وإن تغاضينا عن فكرة الإحتياج، فأكيد في سمة مميزة في شخصية وتاريخ كل محافظة من المتوقع إنها تظهر في شكل بيوتها وطريقة تنظيمهم.
****

قلب المدينة:
الإحباط مستمرش كتير، لأن دقايق وكنا وصلنا مركز المدينة. ومن أول دقيقة كانت المنيا بتتكلم عن نفسها: شوارع نضيفة وفاضية ومن غير مطبات أو حُفر أو تكسير. أرصفة مش مُتربة قوي. خُضرة واضحة. وسماء لونها الأزرق واضح. 

Kornish Al Nile, Al Minya, Egypt - Photo by: Yasmen Refaat El-Shaa'rawy
أول مشهد لكورنيش النيل في المنيا من شباك الأتوبيس

 المباني والبيوت نسخة طبق الأصل من القاهرة. صناديق مُربعة من غير أي شكل جمالي. الطوب الأحمر واضح ومنتشر، مع شوية واجهات ملونة بألوان مبهرجة وغير متانسقة مع بعضها. الكتابات والإعلانات على الحيطان والأسوار. بواقي بوسترات المرشحين للرياسة أو مجلس الشعب على العواميد. أفكار الجرافيتي مفيش فيها حاجة مميزة، ياكورة يا شهداء. لا جديد في طريقة الرسم أو الأفكار أو الألوان عن اللي شوارع القاهرة.
 ****

الناس:
محتكتش بالناس كتير. قيل لي إن المنيا في العموم مش زحمة. وإن الناس مبتخرجش كتير في أيام الأجازة. كنت هناك جمعة وسبت، والشوارع كانت فاضية تماما.أخدت فترة أحاول أستوعب إن شارع الكونيش و شارع طه حسين أكبر شارعين رئيسين من أصل تلاتة في المنيا كلها، وعدد الناس اللي ماشين فيهم ميكملوش الـ30 واحد!

الانطباعات الإيجابية الأولية عن المنياوين: هادين أكتر من القاهريين، والشباب هناك نشط وبيجتهد جدا في إنه يخلق فرص وأجواء جديدة ونشطة زي اللي موجود في القاهرة.

الانطباع السلبي الأولي: فضوليين جدااااا! أكتر بكتيييييير من القاهريين. أثناء TEDx، كنت فاكره إنه مجرد إهتمام وفضول بناس مختلفة عنهم. بس بعدين قِيل لي إنك لو ماشية عادي جدا (بغض النظر عن نوعك أو لبسك أو سنك أو أيا يكن)، وعديت من جنب أي حد، لازم يجيبك من فوق لتحت! في الأول مهتمتش بالملحوظة. لحد ما شوفتها بنفسي في الشارع. الموضوع سيء و مستفز أكتر من القاهرة بمراحل!
****

الكورنيش.. حكاية لوحده:
مجرد وجود كورنيش صالح للإستخدام الآدمي في مصر شيء مُبهر بالنسبة لواحدة بتعز أي مسطحات مائية ولون أزرق زي! صحيح مش نضيف قوي، لكنه بالتأكيد أنضف من أي كورنيش في القاهرة. تخطيطه وتصميمه عجبني جدا! والمنظر من عليه الصبح البدري وهم. 

آه، بالمناسبة بردو، ممكن تفوت رحلة فلوكة في النيل في القاهرة عادي.. بس في المنيا صعب! هاتندم كتير..

Feloka at Nile, Al Minya, Egypt - Photo by: Yasmen Refaat El-Shaa'rawy
فلوكة تايم.. أنا والنيل والمنيا.. وهواك.. زي بعضه ;)

****

خلاصة أول مرة:
المنيا كمدينة متفرقش كتير عن القاهرة. أقل منها في درجة الزحمة والتلوث والدوشة بس. هاتتبسط بالشوارع وباللون الأزرق والأخضر أكتر من القاهرة. الناس مش مختلفين كتير عن اللي في القاهرة. 

لسه الإسكندرية مُحتلة المرتبة الأولى عندي في أكتر "المدن" جمالا. المنيا أخدت المركز التاني. حتى اللحظة :)
****

لنا عودة:
هارجع لها تاني أكيد، أدور على إجابات لشوية أسئلة عن القرى، والعادات والتقاليد،والأكل، والناس، والصناعات والحرف. وعن إجابات لأسئلة تانية مكنتش بفكر فيها! هارجع تاني أقابل أصدقاء كان تعليقهم: "كأننا نعرف بعض من زمان، مش من امبارح بس!".
****

شكرا خاص وأخير لشباب TEDxMinia على حسن وكرم ضيافتهم :)


Wednesday, October 22, 2014

The Center - Sunrise at Bahariya Oasis

Sunrise at Bahariya Oasis Desert - Yasmen Refaat El-Shaa'rawy
Sunrise at Bahariya Oasis Desert

Here is the center that is the center of all wheres
Now is the moment at the heart of all times

Ask not why here and now
But be in the here and now

To find the key to all existence



The Centre - Sami Yusuf

Sunday, October 19, 2014

أول مرة الواحات: الاستيعاب

حوالي عشرة أيام عدوا بعد أول رحلة ليا للواحات البحرية.
الرحلة كانت غنية بتافصيل كتير.. هاحاول أكتب عنهم على أد ما أقدر على أجزاء..
لو هاختار أول حاجة أكتب عنها، هاتكون "الاستيعاب"..
****
مرة وحدة صحيت على لفحة هوا بارد جدا ورملة كتير على وشي ومش قادره أتنفس بسبب الرمل الل سدت كل فتحه في وشي. فافتكرت إني نايمة في الصحراء، في sleeping bag، و إني نسيت الجاكيت في العربية الي على بعد حوالي 20م من مكان ما أنا نايمة، وإني بتجمد، ومش قادرة أقوم أجيبه. 

إفتكرت كمان إني أول ما بدأت أنام، كنت نايمة على ضهري و السما كلها مكشوفة قدامي. القمر كان شبه بدر (ليلة 13 ذو الحجة) وكان في نص السما فوقي مباشرة. كان نوره قوي ومغطي معظم النجوم (بعد 10 بليل تقريبا). دلوقتي لما صحيت، أنا نايمة على جنبي، وقدامي العربية اللي فيها الجاكيت والكاميرا اللي محتاجاهم دلوقتي جدا. 

الدنيا هادية تماما ماعدا من صوت الرياح. مش عارفة أميز أي حاجة غير صديقتي "سما" اللي نايمة قريب مني، واللي مكنتش هميزها لولا إنها نامت في نفس التوقيت معايا. وبقية المجموعة كانوا لسه بيستعدوا للسهرة.

الجاكيت والكاميرا.. أنا بتجمد.. لازم أقوم أجيبهم، و ألحق أصور النجوم.. القمر دلوقتي نزل ناحية الغرب، يعني إضاءته قلت، والنجوم ناحية الشرق بقت أوضح.. 
****

"قومي بقى..."
"كمان شوية... الدنيا برد...
****
غيرت وضعية نومي..
 المشهد كان مبهر جدا.. زي في الأفلام لما الساحر يحرك عصايته فيطلع منها نقط صغيرة كتير مبهرة وبتلالي..
 النجوم.. والسماء الكحلي.. مُبهر.. ساحر..!

المنظر حرفيا أخد عقلي، لدرجة إني نسيت كل حاجة! البرد، والكاميرا، والتصوير، وكل الحاجات اللي بتسبب لي كوابيس يوميه من تلات سنين فاتت لحد تلات شهور فاتت... كل حاجة...

كل الدوشة اللي في ذهني سكتت.. كل الأسئلة.. كل المعضلات.. الأزمات.. الاحباطات.. الخطط.. اتنسفت!

فضلت في حالة الذهول والإنبهار دي أكتر من ساعة.. مخرجنيش منها إلى البرد اللي زاد لدرجة الرعشة الحرفية في كل جسمي..
مكنش ينفع استنى أكتر من كدا.. 
قمت.. وجبت الكاميرا والجاكيت..
 ****

 جربت ألعب شوية.. العدسة اللي معايا متنفعش أصلا لتصوير الفلك. بس دا لايمنع إني ألعب بردو..

Stars at Bahariya Oasis - By Yasmen Refaat El-Shaa'rawy
أول محاولة ليا - غير موفقة- في تصوير النجوم بصحراء الواحات البحرية
حوالي الساعة 3:40 فجرا 

إضغط للتكبير
****

جربت لمدة نص ساعة تقريبا... ولما النتائج كانت أقل من المتوقع، بدأت أتوتر.. "إنت بضيعي فرصة مش هاتتكرر تاني.. مينفعش تفوتي لقطات زي دي.. إنت متخيلة هاتفرق معاكي وفي الـ portfolio بتاعك أد إيه... عارفه يعني إيه تكوني في الصحرا وإنت مصورة ومتصوريش صورة للنجوم عدلة؟!! إزاي نمتي قبل ما تعرفي مكان كاميرات..."

تلقائيا، قفلت الكاميرا.. ركنتها على جنب.. ونمت تاني على ضهري.. و قعدت أتأمل السما...
 ****


- When are you going to take it?
- Sometimes I don't. If I like a moment, for me, personally, I don't like to have the distraction of the camera. I just want to stay in it.
- Stay in it?
- Yeah. Right there. Right here.

The Secret Life of Walter Mitty (2013)
****

مع قفلت الكاميرا، مكنش في حاجة معينة بفكر فيها أكتر من إني مش عايزه أنكد على نفسي وأضيع فرصة الاستمتاع باللحظة. إتفرجت على صور فلك كتير جدا لمصورين عمالقة.. بس اللي قدامي دلوقتي صورة حقيقية أمتع وأجمل ومُبهرة أكتر من أي صورة فوتوغرافية شوفتها أو هاشوفها في حياتي.

بدأت أحاول استوعب اللحظة. أنا الوحيدة اللي في الكون كله، اللي في المكان دا بالتحديد، في التوقيت دا بالتحديد، اللي صاحية وشايفة المنظر.. مش بس شيفاه.. عايشاه ومستغرقة فيه بكل كياني.

فكرة زي دي مُرعبة للوهلة الأولى. أد إيه أنا محظوظة. وإني مهما صورت أو حكيت، محدش هايوصل له نفس الاحساس والحالة اللي أنا فيها دلوقتي.

ولأني فعلا حظي عظيم، القمر كل ما كان بيقرب من الغروب، حجمه كان بيكبر، وتفاصيلة بتوضح، والحاجة الأكثر إبهارا، إن لونه بدأ يتغير تدريجيا من الأبيض الناصع، للذهبي. كام مرة شوفت بدر كبير ذهبي بيغرب من ورا جبل في حياتك؟! 
 ****

"One of the magical things about this journey, however, is that because I'm walking over the sea, over this floating, drifting, shifting crust of ice that's floating on top of the Arctic Ocean is it's an environment that's in a constant state of flux. The ice is always moving, breaking up, drifting around, refreezing, so the scenery that I saw for nearly 3 months was unique to me. No one else will ever, could ever, possibly see the views, the vistas, that I saw for 10 weeks. And that, I guess, is probably the finest argument for leaving the house." - Ben Saunders, Why bother leaving the house?


****

+الحياة في القاهرة  بائسة جدا! بائسة لدرجة إن معظم الناس متخيلة إن اللحظات محتاجة كاميرا جبارة و مُصور فِتك علشان تتعاش مرة وإتنين وعشرة. والموضوع تدريجيا بيتحول من الإهتمام باللحظة والمشاعر اللي فيها وتفاصيلها. للإهتمام بشكلنا في الصورة هايكون إزاي. ومين اللي بيصور. وبيصور بكام... 

الحياة في القاهرة بائسة جدا لدرجة إن كل حاجة بتتقاس بـ"بكام". و إنها لازم تكون مادية ملموسة.

الحياة في القاهرة بائسة جدا لدرجة إن محدش تقريبا بيحس أو بيستوعب أي حاجة ليها علاقة بأي حاجة!
****